رواية غايب

تجري أحداث الرواية على لسان ” دلال ” الفتاة العراقية التي نجت من الموت بأعجوبة وهي طفلة صغيرة من لغم أنفجر في سيارة أبيها ، لتعيش بعدها يتيمة الوالدين ، فتعتني بها خالتها وزوجها العقيم الذي لم ينجب أولاد وكان يكنى بـ أبو غايب.

أصيبت دلال بشلل في وجهها أثر حمى شديدة مما سبب في انحناء زاوية فمها ، فعاشت على أمل أن يقوم زوج خالتها بأجراء عملية تجميلية لوجهها ولكن حلمها تبخر بعد حلول النكبة على العراق ، وتدهور أحوال العائلة المادية ، فأصبحت فاقدة الثقة بنفسها ، وتضاعف إحساسها بأنها فتاة مشوهه غير طبيعية.

تحكي لنا دلال عن جيرانها القاطنين معها نفس العمارة ، فـ ” أم مازن ” هي قارئة الفنجان وحلال المشاكل للنساء ، تحل مشاكلهن مع أزواجهن أن كن متزوجات ، تعمل السحر وتبطله ، وتحل مشاكل فقدان البكارة للبنات بأعشابها و بمساعده أحد الأطباء من أقاربها ، و تقوم بعمل الروحانيات للفتيات الراغبات بالزواج في زمن لم يعد فيه رجال بعد أن أبادتهم الحرب، أم مازن أزدهر عملها و في أحلك الظروف و لكن بعد أن ضربت قذيفة شقتها ، وإصابتها بالمرض، قامت خادمتها البهاء بالعمل على هواها في مهنة التداوي بالأعشاب فتضرر الناس منها و علمت السلطات بأمرها ليتم ترحيلها وحرمانها من عملها.

أما الممرضة ألهام فقد عانت أنواع المحن النفسية في المستشفى جراء ضحايا الحرب من الأطفال و النساء و العجزة ، فكانت واقفة ، عاجزة ، تسمع أنين الأطفال دون أن تستطيع أراحتهم من ألمهم ، ينزفون دماً جراء تعرضهم لليورانيم ، ثم تصاب هي بسرطان الثدي ويتطور الورم لديها و تضطر لإخفاء مرضها كي لا يتم طردها من المستشفى ، فيقوم جيرانها في العمارة بمساعدتها و لكن المال بالكاد يكفي ، وقالت لصديقتها دلال بأنها ستتدبر أمر المال بطريقة ما ، فأصبحت تبيع الأعضاء البشرية للأطفال الميتين إلى ” اللحام ” ليخلطها مع لحم الغنم و يقدمها للبيع للناس..!

بعد زمن النكبة قامت خالة دلال بممارسة الخياطة ، ترتق الثياب البالية للجيران ، و تخيط ملابس أنيقة للسيدات ذات الدخل المرتفع ، أما أبو غايب فكان يعشق الرسم ولكنه لم ينجح فيه لأنه حسب أراء المدرسين في الفن أن خطوطه ضعيفة فكان في زمن الخير يقتني الرسومات العراقية الأصلية ويعلقها في داره ، ثم بعد النكبة أضطر أن يعمل كمربي للنحل و أصبح يدر عليه دخلاً ممتاز إلى أن أصيب النحل بالجنون بسبب تغذيته على دماء الجثث المتعفن فخسر عمله.

أضطر أبو غايب إلى بيع لوحاته الغالية ليعيش وأسرته الصغيرة من خلالها عن طريق تهريبها إلى الأردن ولكن المهمة باءت بالفشل لتعتقله السلطات بتهمه تهريب التراث العراقي.

يوجد بالرواية شخصيات أخرى ، كالرجل الأعمى وحبه للتصوير ، سعدون الحلاق النسائي الذي حاول أقناع دلال بتعديل التشوه في وجهها بمساحيق التجميل و لكنها رفضت ذلك ، عادل الضابط السري الذي وقعت في حبه دلال ثم تركها مصدومة بعد أن مارست معه الحب والخطيئة.

خيانة المقربين لها ” سعد و عادل ” جعلها خاوية الأحاسيس و متلبدة ، فتركت الدراسة و أصبح جل اهتمامها كسب المال لتعيل خالتها المكومة وتعليم حمادة القراءة ، مـتأملة من خلاله أمل جديد.

هناك أمر لم أتقبله في رواية وهو كيف نجح أبو غايب في تربية النحل وسط جو موبوء بالتلوث الجوي أصلاً قبل أن يجن النحل من دماء الجثث المتعفنة..!!

الرواية ذات لغة جميلة و مليئة بالتفاصيل الحياتية اليومية ، شعرت بالأسى على العراق و شعبه ، على مشاعر الخوف و عدم الأمن و الآمان ، تعاطفت مع الأطفال و الأمهات الملكومات ، الرواية تروي الواقع المر ، مؤلمة حد الوجع ولكنها تستحق القراءة أكثر من مره.

لتحميل الرواية أضغط هنا

4 أفكار على ”رواية غايب

  1. “هناك أمر لم أتقبله في رواية وهو كيف نجح أبو غايب في تربية النحل وسط جو موبوء بالتلوث الجوي أصلاً قبل أن يجن النحل من دماء الجثث المتعفنة..!!”
    انا اعيش في العراق وسط مدينة سكنية ودوائر حكزمية وربا ابي النحل للعديد من السنوات لان العراقيين يزرعون الكثير من الاشجار في بيوتهم ففي كل بيت تجدين الكثير من اشجار الحمضيات كذلك تكثر اشجار الكالبتوس في الشوارع التي تساعد تربية النحل كثيرا

  2. مرحبا أخي العزيز

    اشكرك جزيل الشكر على أجابتك الوافية حول تساؤلي..
    كما أسعدني جداً مرورك الكريم ..

    لك تحياتي ..^^

    1. عفوا اختي العزيزة
      مدونتك اكثر من رائعة واهنيك على ذوقك الراقي في الادب . اغلب الروايات التي نصحتي بها حملتها على امل ان اجد الوقت لقراءتها
      شكرا جزيلا وبارك الله بجهودك

أضف تعليق